التخطي إلى المحتوى الرئيسي

Feeling Anatomy

من صغري شخصية عملية ومادية، عكس كل اللي واصل للي حواليا.
مقصدش بالمادية هنا حب الفلوس، لكن قصدي هنا إني بقتنع بالمادة وبكل ما هو ملموس. عشان كده المشاعر الانسانية بتسببلي معضلة كبيرة احياناً.. مبفهمهاش! خصوصاً كل المشاعر اللي معشتهاش او اللي اختبرتها لأول مرة ومكنتش قادرة اصنفها.. 

فاكرة مرة كنت بتكلم مع حد وبشرح له إن الوجود المادي بالنسبالى مهم جداً، لانه بيساعدني افهم كل المشاعر اللي مش قادرة افسرها عن اي كلام بيتقال في الشات او حتي في الموبايل.. وعشان اوصفله غرابة الوضع بالنسبالي وأهميته في نفس الوقت قولتله وانا صغيرة كان عندي اعتقاد مريب ان البشر اللي حواليا مش حقيقين، زيهم زي اللي بشوفهم في التليفزيون.. مجرد صور بتتحرك بشكل عبثي قدامي عشان يجسدوا مشاهد بمشاعر مختلفة، وإني عشان اقتنع ان فلان او فلانة كائن حي زي زيه.. كان لازم المسه!
المشاعر، أكتر شئ هش، مش ملموس، ومش ملحوظ احياناً، ومش مفهوم برضه بنسبة كبيرة.. يعني دلوقتي لما أي حد من أصحابي بيشوفني شخصية متفهمة مش Judgmental Person ميعرفش إني كنت شخصية صعبة جداً وانا صغيرة، كنت زي القطر. بالنسبالي مكنش فيه لونين أوضح من الأبيض والأسود، لدرجة أني كنت كتير بجسد الاحساس بمحاكاة من واقع مشاهدتي لغيري.
فاكرة مرة ايام الجامعة دكتور شيرين قررت إنها تعملنا improving class وكانت الفكرة أننا نكتب مشهد صفحة أو صفحتين ونبدل مع بعض الأدوار في التمثيل، وكان حظي في دور أم بتفاجئ بابنها عمل حادثة وتدخل عليه المستشفي وهي مذعورة، ولأني معرفش ده ممكن يتعمل ازاي، فكرت في أمي لما دماغي أتفتحت في المدرسة وجاتلي المستشفى.. كان لسه الدكتور بيعملي الغرز لما فتحت ماما الباب ودخلت ولا أندرتيكر وراسها والف سيف تضربني! والدكتور يحوش وبابا يحوش وطنط والدة صاحبتي اللي ودتني تحوش وبرضه ماما مصممة! طبعاً لك أن تتخيل لما مثلت المشهد بطريقة شبه دي زمايلي ودكتور شيرين تنحوا إزاي، ولما فهمتهم إن أمي عملت معايا كده وانا في المستشفي استغربوا.. وانا مفهمتش فين الغلط؟!
معرفش هواية تشريح المشاعر الإنسانية بدأت معايا من إمتي؟! يمكن لما بدأت امارس الكتابة خلال فترة المراهقة، وبما إني شخصية عصبية من الطراز الأول و فترة المراهقة طبعاً هي ذروة العصبية، بدأت أكتب يوميات عن اللي عصبني في اليوم عشان اهدي شوية وفعلاً الموضوع فلح مع الممارسة.. ومن فترة للتانية ارجع اقرء اللي كتبته واسترجع معاه مشاعري وقتها ورد فعلي وأعيد المشهد من الأول، بس المرة دي وأنا بره وأنا أهدي. تشريح اللي حاسه بيه ومحاولة تصنيفه وفصله عن اي عوامل خارجية، ساعدني افهم نفسي أكتر.. 
فأفهم مثلا ايه الاحساس المريب اللي كنت بحسه وانا صغيرة في كل مرة بابا يسافر مع الشغل ويسبنا كام يوم.. إزاي بيكون البيت مرعب كده، مع ان ماما موجودة واخواتي موجودين ولعبي زي ما هي! ومع إنه لما كان موجود كان عادي يعني، وأفهم إن وجوده العادي ده بيمثل بالنسبالي أمان الدنيا.
وافهم تصرف أمي لما مات أبوها، وفضلت 40 يوم بتصلي فرض ليها وفرض ليه وتختم القرآن وتدعيله، ولحد النهاردة بتصلي وتختمله القرآن وتدعيله.
وافهم إني مش عايزة ابقي موجودة في عالم مفيهوش أمي!  لما أمي تعمل حادثة وتفقد معاها الذاكرة بشكل كامل لمدة مؤقتة.
وافهم ليه لما كنا صغيرين واختي الصغيره  جاتلي معيطة بسبب - طفل ما - ضربها فـ اطلع اجري وراه زي المجنونة لحد ما اجيبه وارقده ع الارض وانزل فيه ضرب بشكل هستيري لحد ما الناس شالوني حرفياً من عليه.. 
وافهم ليه كنت بتعصب من كلمة "خليفة ماما في البيت" زي ما بابا بيقولي دايماً- بعد ما بقوا اخواتي الصغيرين 3 مش بس واحدة واتخنق من حجم المسؤولية اللي بيرميها عليا.. ودلوقتي أبقي معنديش مشكلة مع الكلمة بالعكس اكتشفت إنهم مش بس اخواتي دول عيالي، اللي بنقي معاهم هدوم العيد وألف معاهم كعب داير على كل المحلات لحد ما يلاقوا اللي نفسهم فيه ويروحوا مبسوطين، وأنزل معاهم للدكتور نكشف ونطمن، واروح بيهم دريم بارك ونقضيها لعب، وأفضي خناقة بين اخويا الصغير وصاحبه واضرب صاحبه عشان أخويا ميتضربش قدامي، وأشيل إبن أخويا الكبير فأحس أنه إبني. وإن عيلتى كل نفر فيها عندي بالدنيا! 
وأفهم يعني ايه قلبك يتكسر لأول مرة وأتكور في السرير وانا بحاول امنع الوجع من انه ياكل كل جزء من روحي.. واحلف مكررهاش تانى، واكررها تاني وتالت علي ايد حبيب او صديق.. وكل مرة الوجع يختلف عن اللي قبله باختلاف الشخص واختلاف درجة حبي وقربه مني، وكل مرة في السكة تتغير/ تموت فيا حاجة وارجع اعرفني من الأول وجديد.
فهمت ازاي الكره أحساس صعب بيسحب من روحك النور، وإنك محتاج طول الوقت تسامح وتغفر.. مش عشانهم عشانك إنت.
اتعلمت إن الحب صعب وإن الكره وفرض الأحكام المسبقة اسهل كتير من أنك تتكلم مع الشخص نفسه وتحاول تفهمه.. بس انا بختار كل مرة أفهم واسمع وأحاول محكمش. 
فهمت إن ربنا مخلقش بشر صالحين وطالحين، لكنه خلق بشر.. بدون اي أحكام مسبقة عن كونهم ملايكة او شياطين، عشان كده طبيعي نغلط وساعات ناخد قرار واحد كفيل إنه يدمر حياتنا لكن مينفعش ابدا نخلي غلّطتنا هي اللي تحدد شخصيتنا.
احنا بنغلط عشان نتعلم ونغلط تاني نفس الغلطة عشان غبائنا الانساني ملوش نهاية احيانا ونغلط تالت فـ نتحول لحكماء بيقولوا مواعظ! 

فهمت إن العمر قصير اوي مع كل مرة حد بيتخطف من وسطنا على غفلة، من غير ما نقوله إزاي بنحبه وإزاي مهم بالنسبالنا فـ بقيت اعبر عن حبي واشتياقي وامتناني لكل شخص مهم عندي بداعي وبدون داعي، واعتذر حتى لو الغلطة تافهة وهما مش فاكرينها.
فهمت إن المشاعر تركبية معقدة، أصعب من اننا نفهمها احياناً، لكن مهم أننا نحسها ونستسلم ليها، لأن هي دي السكة الوحيدة اللي من خلالها هنعرف نفسنا أكتر وهنحس بأدميتنا.. 






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحمدلله الذى أذهب عنا الحزن

كنت أحارب العالم بداخلي وخارجي. أحارب نفسي وأفكاري وهذه أخطر وأكبر قوة على الإطلاق! أحارب ما يقابلني من سوء وقبح وجهالة. كنت أدور في دوائري متخبطة ويزداد طريقي عتمة، كنت أحاول التمسك بشيء ليرشدني وأن أحاول العبور بخفة، حاولت أن أفكك رابطة الخيوط، أن أخفض الأصوات برأسي وكلما جن علي الليل أجدها تعبث بي مجددا! كنت أتفاعل كما الالات حتى أقاوم السقوط! لا أشعر بمرور الوقت، لا أتذوق الطعام، لا أفكر في الكلمات! وبرغم كل محاولاتي لم يهدأ إحساسي بالوحشة والغرابة! كل ما كنت أتمناه كان السلام وأن تهدأ تلك الأصوات برأسي، حتى أتمكن من عبور العاصفة! حاولت إغلاق كل النوافذ والأبواب كي أنعم بالأمان والدفء، حتى تسللت إلى الظلمة واعتنقتها أنا مستسلمة! أصبحت أؤرخ حياتي بلحظات التعاسة فقط! اللحظة التي فقدت فيها إيماني الساذج بالبشر. اللحظة التي فقدت فيها ثقتي بالآخرين، كل الآخرين! اللحظة التي أدركت فيها أن عشرتي وموضع ثقتي لا تراني سوى فترة ستنتهي عاجلا أم آجلا! اللحظة التي أدركت فيها أني قد عشت ثلاثين عاما مثقلة بهموم معاركي الخاسرة! كنت أعيد تكرارها علي نفسي وأزيد في جلدها، لم يعد لي منها مهربا، كنت أنا

احببتــك..ولكنك خـذلتنــى

نحن لانكره الا من احببناهم بقوة..الا من وثقنا بهم يوما.. لانكره الا هولاء الاشخاص..الذين خذلوا حبنا وثقتنا بهم.. لانكره الاهولاء الذين سمحنا لهم برؤية قلوبنا على حقيقتها.. بعدما سمحنا لكلماتهم ان تمس مشاعرنا وتكون جزء من محبتنا لهم.. نحن لانكره بقوة..الا من احببناهم بقوة..وامعنوا فى خذلان قلوبنا بقوة.. والوقت وحده هو القادر على ان يشفى جرحنا منهم..

اكرهــك بقدر حبى لك...واحبـــك بقدر كرهى لك..!!

أتدرى..أشعر احيانا بأنك القيت لعنة على عتبات قلبى ان ترحل.. لعنة اصابت المسكين فى مقتل.. فلا ذكراك بــ مغادرة لــ حوائطه.. ولا تاركة المكان لغيرها من الذكريات كى تحل محلها..!! لا احبك..اكررها مرار.. لا اريدك.. يكررها قلبى الالاف المرات.. ومع هذا لا انساك.. انت فى قلبى.. فى عقلى.. تملوء اى شئ فارغ او كان ممتلئ..!! اكرهك.. اعيدها على نفسى كلما اتت على ذكرك.. ابدأ فى تلقين قلبى كلمات غاضبة حانقة عليك.. اذكره بكل ماكان من قسوتك وجراحك فيه.. كل ماقلته وكل مالم تقوله.. ولكن الاشواق لاتهدأ ولا تندمل..!! اكره كل شئ يذكرنى فيك.. العنه.. ثم اعود فـ أقول لنفسى وهل مر يوما لم تتذكريه فيه.. وهل مر شيئا عليكى لم يثير بداخلك ذكراه..!! انت حى بداخلى.. وانا ميتة من الداخل والخارج.. انت تعبث بمشاعرى وقلبى حتى فى غيابك..!! وانا لاحيلة لى عليهم ولا امرا..!! انت صداع بداخل عقلى.. تؤرق نومى.. ترهق تفكيرى.. اتذكرك فى كل شئ.. حتى كرهت ولعنت احب الاشياء لى..!! اكرهك.. لااحبك.. لا اريدك.. ومع هذا انتظر عودتك.. واتمنى حقا الا تأتى..!!!! فهل رأيت يوما انسانا بداخله كل هذه المشاعر الم