دايما الأصعب من إحساسك بالوحدة وإن مفيش حد جنبك بيساعدك او علي الأقل بيونسك، هو إدراكك أن محيطك فيه ناس كتير جداً بس كلهم اختاروا بشكل ما يقفوا بره الدايرة الخاصة بيك.. الحقيقة إن شعور الوحدة مش وحش جداً لانه اوقات بيكون مطلوب، هو وحش جداً في حالة كونه وضع إجباري أكتر من كونه اختياري..
مع الوقت لما بتكتشف ان اللي حواليك ساعدوا في دخولك دايره الوحدة وخلوها وضع إجباري عليك.. ومحدش فيهم ساعدك تكسرها وتخرج براها، بالعكس ساعدوا في أحكام غلق الدايرة عليك، ساعدوك علي الاستسلام ليها.. لضعفك.. للاكتئاب ياكل في روحك والأفكار السودا تعمي عيونك وقلبك! فتفكر جدياً في الانتحار !
آخر كلمة سجلتها هانا بيكر علي الشريط الـ 13 ليها كانت:
Some of you care. None of you cared enough. Neither did I. And I’m sorry
هانا كانت بنت ساذجة جداً، عادية جداً، حتى أحلامها وطموحاتها أبسط منهم مفيش! كل اللي كانت بتسعي ليه في حياتها هو شخص يفهم ويقدر ويسمع ويهتم، مكنتش حتي مهتمة بصفة الشخص في حياتها ايه، يعني سواء كان حبيب او صديق ! هانا كانت شخصية هشة وضعيفة، خصوصاً بعد مرورها بأكتر من أزمة في فترة زمنية قليلة، كانت محتاجة شخص قادر يساعدها على تخطي مشاعرها من غير ما يكون عبء عليها، حد يكون واثق من قدراتها وبيشجعها.. ومين فينا مش عايز او بمعني أصح مش محتاج نفس الشخص ده؟!
الحقيقة اللي أغلبنا بينكرها إن "الوحدة" عمرها ما كانت الخيار الأفضل، حتي الشخصيات اللي أختارت الوحدة برغبتهم فاهمين ده. فاهمين أنهم ممكن جداً يمشوا ويكملوا لوحدهم لكنهم برضه فاهمين أهمية وجود "الشخص" اللي هتحكيله عن الضعف الموجود جوه روحك واللي بتدريه عن عيون كل الناس وتتظاهر بداله بالقوة!
من فترة قرأت تدوينة علي Tumblr بتتكلم عن أن الغاية الكبرى لمعظم البشر هو أنهم يلاقوا شخص يتكلموا معاه ويسمعهم.. وقال في التدوينة أنه في مرحلة الأبتدائية لما كانوا بيوصفوا علاقة برئية بين ولد وبنت كانوا بيقولوا أنهم "بيكلموا بعض" كده بمنتهي البساطة، كأن العالم صم وبكم وهما بس اللي بيتكلموا وعارفين يتواصلوا سوا!
المشكلة كلها مش في الكلام مع شخص، لكنها في التواصل معاه .. التواصل اللي بيخليك تحس ان فلان او فلانة مهتم فعلاً بوجودك في حياته.. أنك مش صاحب خروجه او قعدة حلوة.. وإنك مش مجرد مشاعر بيفتقدها فلان في علاقته بفلانة وبيحاول يعوضها بوجودك..
المشكلة كلها مش في الكلام مع شخص، لكنها في التواصل معاه .. التواصل اللي بيخليك تحس ان فلان او فلانة مهتم فعلاً بوجودك في حياته.. أنك مش صاحب خروجه او قعدة حلوة.. وإنك مش مجرد مشاعر بيفتقدها فلان في علاقته بفلانة وبيحاول يعوضها بوجودك..
علاقات كاملة بتموت كل يوم سواء كانت -صداقة او حب- بسبب التجاهل والأنانية وعدم الأهتمام، علاقات أخدت وقت طويل جدا من حياة كل واحد فينا.. استهلكنا فيها مشاعر وكلام ومواقف وفجأة انتهت! او هو مش فجأة لأنه زي ما هانا أتكلمت في اول حلقة من المسلسل عن الـ butterfly effect التغيير البسيط جداً اللي بيحصل في الـ system ومحدش ياخد باله منه فـ يبدأ في الأنهيار ببطء وفجأة يتهد قدامك وانت مش حاسس..
الحقيقة إن مؤلف الرواية حب يعلم الناس الدرس بأصعب طريقة ممكنة في الدنيا..
فـ في آخر حلقة من المسلسل شخصية أليكس سكاندال أنتحرت! أنتحرت قدام عين كل اللي تابع الحلقات وكان مركز مع قصة هانا بيكر بس! وكأن اول قلم اخدناه مكنش كفاية فـ كان لازم يتابعه قلم تاني عشان نفوق من الصدمة! عشان ترجع تاني تشوف الحلقات وتركز مع أليكس وتكتشف ان كل تصرفاته وحركاته بتقول أن الشخص ده بيفكر في الأنتحار بشكل جدي!
نختلف علي طبيعة شخصية "هانا بيكر" او نتفق، سواء كان اللي عملته سادي "الجزء الخاص بالشرائط، وشخصية كلاي اللي طلع دينه طول المسلسل برغم أعترافها أنه اطيب حد عرفته" أو أنها انتحرت بغرض لفت الانتباه مش أكتر! بس لما تيجي تعمل search هتلاقي أن معظم كلام الشخصيات اللي انتحرت كان عن رغبتهم في التخلص من الألم الطاغي اللي حاسين بيه! وده اللي هانا أتكلمت عنه في آخر حلقة لما حاولت تشرح اللي جواها للـ counselor اللي عندها في المدرسة..
كـ نرمين عمري ما شوفت الانتحار حل ودايما بشوف الشجاعة في الاستمرار مش العكس، لكن الوقت اللي كنت بتفرج فيه علي المسلسل صادف مع فترة سيئة جداً من حياتي خليتني أفكر بشكل تاني.. أنا مبفكرش في الانتحار لأني خايفة أقابله، وأني أحيانا بحس اني مش هقدر أغلب اللي جوايا من وجع وفزع فـ بفكر what if God understand ؟! وبرجع استغفر ربنا وأطلب منه الصبر وأكتب!
أكتب عشان أقدر أفرغ اللي جوايا وأحس بمقدار قليل جداً من الراحة يكفيني أكمل لليوم الجديد، بالضبط نفس إحساس هانا لما خلصت حكىّ في الشرايط فـ قررت تدي للحياة فرصة جديدة !
*ملحوظة أخيرة* بالنسبة لصاحب اصعب جدارية شوفتها في عمري، اللي في اول التدوينة.. انا أهتم! ولأي شخص شاف التدوينة وحاسس بالوحدة وشايف ان الكرة الأرضية علي اتساعها بتضيق عليه، فأنا هحاول اوفر لك البراح المناسب لروحك، هسمعك وهكون مهتمة..
تعليقات
إرسال تعليق